اتصالات لاحتواء «الأزمة الاعتراضية»

كتب ناجي شربل وأحمد عزالدين في الأنباء:
تكثف الاتصالات بعيدا من الأضواء بهدف احتواء الأزمة الاعتراضية التي نتجت عن قراري الحكومة في جلستي 5 و7 أغسطس الجاري في شأن حصرية السلاح بيد الدولة والتزام «الورقة الأميركية» التي تعتبر «ورقة الحل».
ووفق معلومات متوافرة لـ «الأنباء»، فإن المطلوب في هذه المرحلة، امتصاص النقمة مع إبقاء الوضع تحت السيطرة الأمنية، على رغم بعض الاستفزازات التي قد تؤدي إلى عواقب غير محمودة.
وتتوقف المصادر عند الصمت الذي يلتزم به رئيس مجلس النواب نبيه بري، اذ يكتفي من وقت لآخر بتوضيح بعض المواقف التي تنسب إليه والتي تتناول العلاقة مع الرئاستين الأولى والثالثة. وتضيف المصادر ان بري يراقب الوضع عن كثب، كما يقوم باتصالات حثيثة بعيدا عن الإعلام مع الطرفين بهدف استمرار التهدئة، وهو ينتظر فرصة نضوج الحل لطرح صيغة تسوية تؤمن تنفيذ قرارات الحكومة من دون اعتراض كبير من قبل «حزب الله».
وتسأل المصادر: هل الرئيس بري سينتظر ذكرى تغييب الإمام موسى الصدر في 31 أغسطس الجاري لطرح الحل، أم ان الأوضاع تحتاج إلى تدخل أسرع فيما لو تصاعدت حركة الاستفزازات في الشارع؟ ومعروف ان نهاية أغسطس ستكون حافلة بالتحديات وأبرزها تقديم خطة الجيش اللبناني حول سحب السلاح إلى الحكومة، وكذلك التجديد للقوات الدولية «اليونيفيل» في الجنوب، وسط تلويح بخفض عديدها أو إدراج تحركها تحت البند السابع الذي يعطيها حرية الحركة واستخدام السلاح، على خلفية عمليات الاعتراض لتحركها والتي حصلت في الأسابيع الأخيرة في عدد من بلدات الجنوب، غير ان المصادر تجزم بحصول التجديد لوجود إرادة دولية لبقاء هذه القوات، خصوصا في ظل الحاجة الملحة اليها، مع العمل الجاري لترتيبات الحدود والوضع في جنوب لبنان.
وعلى صعيد آخر، وحتى موعد إنجاز خطة الجيش اللبناني بشأن السلاح، يتوقع ان تشهد الساحة حركة اتصالات واسعة وموفدين عرب ودوليين، تهدف إلى دعم الحكومة في مسعاها من جهة، والى تقديم المساعدة للدولة اللبنانية انمائيا واقتصاديا من جهة ثانية.
وفي معلومات خاصـة بـ «الأنباء» نقلا عن مقربين من مرجع رسمي كبير، ان الأخير تحدث عما سماه عملية تضليل تعرض لها قبل الانتخابات الرئاسية، بإعطاء أحد الموفدين وعودا لم تنفذ على الصعيد الاقتصادي لتحقيق انفراج في عدد من القطاعات في البلاد بينها عملية إعادة الإعمار.
ونقل عن المرجع الرسمي الكبير قوله انه لن يمرر هذه الواقعة، مذكرا انه لم يقطع مع عدد من الدول المعنية، في عز الوجود السوري في لبنان، مؤثرا تمييز الدول المعنية التي تربطها علاقات خاصة بلبنان. ونقل عنه «ان المطلوب السير بسياسة خطوة مقابل خطوة، أي الحصول على شيء في المقابل، وليس الدعوة إلى الانتظار الطويل بعد جردة حساب قد لا تنتهي أو تعتبر كافية لدى الطرف المقابل الذي يستمر بالمطالبة بتقديم المزيد».
رئيس حزب «القوات اللبنانية» د.سمير جعجع قال في بيان: «إن أصحاب مقولة التعامل مع قرارات الحكومة في جلستي 5 و7 أغسطس وكأنها لم تكن، ينفذون انقلابا واضح المعالم، ويتبين من أقوالهم أنهم لا يعترفون بالمؤسسات الشرعية ولا بقراراتها، واستطرادا لا يعترفون بالدستور اللبناني، وبشكل أوضح لا يعترفون بوجود الدولة اللبنانية، وهذا أمر خطر جدا».
وتابع: «من جهة ثانية، دأب مسؤولون إيرانيون، من مختلف المستويات، على التطرق إلى قرارات الحكومة اللبنانية ومهاجمتها، والأسوأ من ذلك كله إطلاق التهديدات والوعيد بأن ما صدر عن الحكومة لجهة نزع السلاح لن يمر. ولو اقتصرت مواقف المسؤولين الإيرانيين على مجرد إبداء الرأي في أحداث داخلية تحصل في بلد آخر، وبالطرق الديبلوماسية المعهودة، لكان الأمر مقبولا ولو بحده الأدنى، لكن أن يذهب أصحاب هذه المواقف إلى حد الجزم بأن قرار الحكومة بنزع السلاح لن يمر، فهذا ينم عن تحريض من جهة، وتهديد بتدخل عسكري ضد الحكومة اللبنانية من جهة أخرى، من أجل منعها من تنفيذ قراراتها. لذا، على الحكومة أن تفكر جديا بدعوة مجلس جامعة الدول العربية ومجلس التعاون الخليجي إلى عقد جلسات طارئة لطرح مسألة التهديد الإيراني للبنان، وكذلك التقدم بشكوى إلى مجلس الأمن الدولي مفادها أن إيران تهدد لبنان وتتوعده، وصولا إلى التهديد بالتدخل العسكري المباشر».
في حين زار وفد كتائبي برئاسة رئيس الحزب النائب سامي الجميل السرايا والتقى رئيس الحكومة نواف سلام. وجدد الجميل دعمه لقرارات الحكومة في مسألة حصرية السلاح. وقال: «أمام لبنان فرصة تاريخية للوقوف مجددا». وأعلن رفضه بشكل قاطع كل التصريحات الايرانية. وطالب ايران «باحترام قرار لبنان وسيادته ومصلحته.. وقد دفع لبنان ثمنا باهظا لسياسة ايران وتدخلها المباشر عبر تمويل حزب الله وتسليحه». وتأتي تصريحات جعجع والجميل مع ترقب وصول أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي لاريجاني إلى بيروت قادما من العراق.
في المواقف، قال رئيس الجمهورية العماد جوزف عون أمام وفد جمعية «كلنا إرادة»: «الإصلاحات انطلقت ولا رجوع عنها على رغم الصعوبات والحواجز التي تواجهنا، لكننا لن نستسلم ومسيرة الوصول إلى تحقيق كافة الإصلاحات المنشودة طويلة وسنستمر بها». وأضاف: «كنا أمام خيارين، إما ان نتعايش مع الخطأ والفساد او ان نختار الإصلاح، لذا قررت إطلاق مسيرة الإصلاح وتحمل المسؤولية كاملة».
وتابع الرئيس عون: «دور القضاء مهم جدا في مكافحة الفساد، والتشكيلات القضائية التي صدرت قبل أيام ستساعد في تسريع عجلة القضاء ومواجهة القضايا التي لاتزال عالقة حتى الآن».
في الأثناء، أرخى غياب التيار الكهربائي جراء ضغط الاستهلاك والأعطال الطارئة على معامل الإنتاج بسبب ارتفاع درجات الحرارة، بظله على قطاعات عدة، بينها المياه، اذ أعلنت مؤسسة مياه بيروت وجبل لبنان في بيان، انه «بسبب انقطاع التيار الكهربائي عن مصنع ضبية (محطة سليم لحود للضخ)، توقفت بعض المضخات عن العمل، مما سيؤدي إلى انخفاض في ساعات التغذية بالمياه عن العاصمة بيروت ومناطق المتن الساحلي، وذلك حتى عودة التغذية الكهربائية إلى وضعها الطبيعي».
بدورها، أعلنت شركة «كهرباء جبيل» مالكة الامتياز الخاص لتوزيع الطاقة الكهربائية في قضاء جبيل، ومالكة شركة «بيبلوس للتعهدات الكهربائية» التي تؤمن خدمة توفير الكهرباء من طريق المولدات، اضطرارها إلى اللجوء احترازيا إلى التقنين الكهربائي جراء أعطال تتعرض لها المولدات الموزعة في الأحياء السكنية بسبب ارتفاع درجات الحرارة وكثافة الاستهلاك من قبل المشتركين. وأشارت إلى استبدالها مولدات عدة في يوم واحد في عدد من الأحياء، مبدية خشيتها من اللجوء إلى التقنين في حال دعت الحاجة.
والشيء عينه انسحب على المجمعات البحرية التي اختار البعض منها فرض تقنين قصير موزع بين ساعتين او ثلاث يوميا بداعي «إراحة» المولدات الضخمة، بسبب غياب التيار الكهربائي الذي توفره الدولة اللبنانية عبر شركة «كهرباء لبنان»، من دون إسقاط تأمين خدمة بتعرفة إضافية لبعض الشاليهات من مولدات أصغر تستخدم في حالات الطوارئ.
في الجنوب، أقدمت القوات الإسرائيلية أمس على تنفيذ عملية تفجير واسعة في الحي الجنوبي من بلدة كفركلا – حي الوزاني، بحسب ما أفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» الرسمية اللبنانية.