لبنان

سحب السلاح وبجدول زمني… أو الانتحار!

4 آب, 2025

بقلم طوني أبي نجم

تتجه أنظار اللبنانيين والمجتمعين العربي والدولي إلى جلسة مجلس الوزراء التي تنعقد بعد ظهر الثلثاء 5 آب 2025، وتحديداً إلى المقررات التي ستصدر عن هذه الجلسة. سبق الجلسة 3 عناوين يجب التوقف عندها:

ـ أولاً بيان الدعوة إلى الجلسة الذي صدر عن رئيس الحكومة نواف سلام، ويخشى اللبنانيون أن تأتي المقررات على مستوى بيان الدعوة الذي أتى في أسوأ صيغة كمثل الحديث عن “استكمال البحث في تنفيذ البيان الوزاري في شقه المتعلق ببسط سيادة الدولة على جميع أراضيها بقواها الذاتية حصراً، إضافة الى البحث في الترتيبات الخاصة بوقف الأعمال العدائية لشهر تشرين الثاني 2024”.

هكذا يبدو رئيس الحكومة وكأنه يخجل أن يتحدث في بيانه عن الدعوة الى سحب سلاح كل المجموعات المسلحة في لبنان وفي مقدمها “حزب الله”، وكأنه لا يجرؤ على طرح الموضوع بوضوح وكل خوفه أن تنفجر حكومته ويصبح “عاطلاً عن العمل” بعدما أتى رئيس حكومة في غفلة من الزمن وخيّب رهانات جميع الذين راهنوا عليه. فكيف يقارب الرئيس نواف سلام ملف سحب سلاح “حزب الله” من زاوية “استكمال البحث في تنفيذ البيان الوزاري” وكأنه يناقش ملف إعادة تشغيل مطار رينيه معوض في القليعات أو ملف معالجة أزمة النفايات أو كيفية تأمين الكهرباء؟ وإذا كان لا يجرؤ على تسمية الأمور بأسمائها في بيان الدعوة الى الجلسة فكيف يمكن الرهان على مقررات تسمّي الأمور بأسمائها وتتحدث عن نزع سلاح “حزب الله” وكل السلاح غير الشرعي تنفيذاً للدستور اللبناني وللقرارات الدولية ولاتفاق وقف إطلاق النار؟!

ـ ثانياً كلمة رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون في عيد الجيش والتي أتت على مستوى آمال اللبنانيين، واستبق فيها جلسة مجلس الوزراء الثلثاء وحدد فيها الثوابت التي لن يقبل بعدها بمقررات لا تتناسب والسقف الذي حددها وعنوانه ما تضمّنه الرد اللبناني على ورقة المبعوث الأميركي توم برّاك وتحديداً لجهة “بسط سلطة الدولة اللبنانية على كافة أراضيها وسحب سلاح كل القوى المسلحة ومن ضمنها “حزب الله” وتسليمه إلى الجيش اللبناني”.

ـ ثالثاً التشدد الأميركي والأوروبي والخليجي في ملف السلاح وكل الرسائل التي وصلت إلى المسؤولين في لبنان في هذا الإطار والتي تحذّر من مغبّة أي تمييع في المقررات. وفي المقابل كل المواقف المعلنة لـ”حزب الله” من أمينه العام الشيخ نعيم قاسم مرورا بجميع نوابه وقياداته الرافضة لتسليم السلاح بما يعني إصرار الميليشيا الإيرانية على جرّ لبنان الى المجهول.

في الخلاصة، إن ما ينتظره اللبنانيون ليس بياناً إنشائياً من الحكومة على طريقة البيانات الوزارية الغنية باللغة العربية وبالالتفاف على المطلوب. وليست الحكومة اللبنانية ومن خلفها “حزب الله” في موقع فرض الشروط على إسرائيل والمجتمع الدولي كمثل اشتراط الانسحاب الإسرائيلي وتسليم الأسرى وإعادة الإعمار قبل الانتهاء من سلاح الحزب والسلاح الفلسطيني بالكامل. المطلوب من الحكومة أن تتخذ مقرراتها بشكل واضح ينص على سحب سلاح “حزب الله” والسلاح الفلسطيني وكل سلاح غير شرعي وتكليف الجيش اللبناني تنفيذ المهمة ضمن مهلة زمنية لا تتعدى الثلاثة أشهر. وكل ما عدا ذلك من مقررات واهية يعني أن الحكومة اللبنانية ترمي لبنان في المجهول- المعلوم من أتون حرب تقضي على ما تبقى كرمى لعيون الحزب الإيراني وتضع لبنان كله بشعبه واقتصاده بمثابة أكياس رمل لحماية سلاح “حزب الله” وتنفيذاً للأجندة الإيرانية.

إن ما سبق من سطور تشكل رسالة مفتوحة لجميع الوزراء بأن يُقدموا في جلسة الثلثاء وبألا يقبلوا بمقررات لغوية لا تجدي نفعاً ولا تنقذ لبنان من النفق الأسود، علّنا ولمرة ننقذ وطننا بأنفسنا ولا نقبله بجعله ساحة لتصفية الحسابات الإقليمية. فقيام دولة لبنانية فعلية تحتكر السلاح وتمنع وجود أي ميليشيا على أراضيها وتفرض تنفيذ الدستور والقوانين المرعية الإجراء والقرارات الدولية بالقوة هو مطلب لبناني مئة في المئة قبل أن يكون أي مطلب خارجي لمصلحة اللبنانيين… فهل نتعظ قبل فوات الأوان ونوقف كل المكابرة والمراوغة؟!

شارك الخبر: