تكنولوجيا

“إينياس”: تحدث ثورة في فك الرموز الأثرية

25 تموز, 2025

أعلنت شركة “ديب مايند” التابعة لـ”غوغل” عن إطلاق أداة جديدة تُدعى “إينياس” (Aeneas)، تمثل قفزة نوعية في مجال تحليل وفك رموز النقوش الأثرية. وسُمّيت الأداة تيمنًا بالبطل الأسطوري “إينياس”، الذي نُسب إليه نقل تراث طروادة إلى روما، ما يعكس طموح الأداة في إحياء وفهم التراث الروماني القديم.

تعتمد “إينياس” على تقنيات متقدمة في التعلم العميق، حيث تم تدريبها على قاعدة بيانات ضخمة تضم أكثر من 176 ألف نقش لاتيني، جُمعت من مختلف أنحاء الإمبراطورية الرومانية. وقد مكّنت هذه البيانات، التي تمثل ثمرة عقود من العمل الأكاديمي في التوثيق والرقمنة، الذكاء الاصطناعي من فهم اللغة اللاتينية القديمة وخصائصها الأسلوبية عبر الفترات الزمنية المختلفة.

وتتمثل إحدى أبرز ميزات الأداة في قدرتها على استكمال النقوش التالفة أو الناقصة بدقة تصل إلى 73% في حالات الفجوات التي لا تتجاوز عشرة أحرف. كما أظهرت قدرة فائقة على تحديد الفترة الزمنية للنقش ضمن هامش لا يتجاوز 13 سنة، وهو إنجاز يتفوق في كثير من الأحيان على أداء الخبراء البشر.

وقد أثبتت “إينياس” فعاليتها بشكل لافت عند تحليل النقش الشهير “أعمال الإله أغسطس” (Res Gestae Divi Augusti)، حيث قدمت نتائج زمنية متوافقة مع الجدل الأكاديمي الدائر حول تأريخ هذا النصب الأثري.

من الناحية التقنية، تمر الأداة بعدة مراحل تحليلية، تبدأ بمعالجة الصورة الرقمية للنقش، تليها قراءة النص باستخدام شبكات عصبية متخصصة، ثم مقارنته سياقيًا مع آلاف النقوش الأخرى لاستخراج ما يُشبه “بصمة تاريخية” لكل نص، تشمل خصائصه اللغوية، الفنية، الزمنية، والمكانية.

ويكمن تميّز هذه الأداة في دمجها بين التحليل الرقمي الدقيق والفهم التاريخي العميق، فهي لا تكتفي باستكمال النصوص بل تسهم في وضعها ضمن سياقها الحضاري. وقد لاحظ الباحثون أن الأداة تسرّع عملية البحث عن النقوش المتشابهة، لتنجز خلال ثوانٍ ما كان يستغرق ساعات أو حتى أيامًا.

بناءً على هذا النجاح، يعمل الفريق المطوّر على توسيع قدرات “إينياس” لتشمل لغات قديمة أخرى وأنواعًا مختلفة من الوثائق التاريخية، مثل البرديات والعملات المعدنية، ما قد يفتح الباب أمام اكتشافات جديدة تربط بين الشواهد التاريخية المتفرقة وتثري فهم البشرية لحضاراتها القديمة.

شارك الخبر: